329 - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «ذُكِرَ الْعَزْلُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ: وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ؟ - وَلَمْ يَقُلْ: فَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إلَّا اللَّهُ خَالِقُهَا» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَ " مُجَزِّزٌ " بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ الْمُشَدَّدَةِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ.
وَاخْتَلَفَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ فِي الْقَائِفِ أَمْ يَكْفِي الْقَائِفُ الْوَاحِدُ؟ فَإِنَّ مُجَزِّزًا انْفَرَدَ بِهَذِهِ الْقِيَافَةِ، وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَالِّ الْخِلَافِ، وَإِذَا أُخِذَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَائِفِ الْوَاحِدِ، فَلَيْسَ مِنْ مَحَالِّ الْخِلَافِ، كَمَا قَدَّمْنَا.
وَقَوْلُهُ " آنِفًا " أَيْ فِي الزَّمَنِ الْقَرِيبِ مِنْ الْقَوْلِ، وَقَدْ تَرَكَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ذِكْرَ تَغْطِيَةِ أُسَامَةَ وَزَيْدٍ رُءُوسَهُمَا وَظُهُورِ أَقْدَامِهِمَا وَهِيَ زِيَادَةٌ مُفِيدَةٌ جِدًّا لِمَا فِيهَا مِنْ الدَّلَالَةِ عَلَى صِدْقِ الْقِيَافَةِ وَكَانَ يُقَالُ: إنَّ مِنْ عُلُومِ الْعَرَبِ ثَلَاثَةً: السِّيَافَةُ، وَالْعِيَافَةُ، وَالْقِيَافَةُ. فَأَمَّا السِّيَافَةُ: فَهِيَ شَمُّ تُرَابِ الْأَرْضِ لِيُعْلَمَ بِهَا الِاسْتِقَامَةُ عَلَى الطَّرِيقِ، أَوْ الْخُرُوجُ مِنْهَا قَالَ الْمَعَرِّيُّ:
أَوْدِي فَلَيْتَ الْحَادِثَاتِ كِفَافُ ... مَالُ الْمُسِيفِ وَعَنْبَرُ الْمُسْتَافِ
وَ " الْمُسْتَافُ " هُوَ هَذَا الْقَاصُّ، وَأَمَّا الْعِيَافَةُ: فَهِيَ زَجْرُ الطَّيْرِ، وَالطِّيَرَةُ وَالتَّفَاؤُلُ بِهِمَا، وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ وَأَمَّا السَّانِحُ وَالْبَارِحُ: فَفِي الْوَحْشِ، وَفِي الْحَدِيثِ " الْعِيَافَةُ وَالطَّرْقُ: مِنْ الْجِبْتِ " وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصَا، وَأَمَّا الْقِيَافَةُ: فَهِيَ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْأَشْبَاهِ لِإِلْحَاقِ الْأَنْسَابِ.
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ فَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا وَقِيلَ: فِيهِ: إذَا جَازَ تَرْكُ أَصْلِ الْوَطْءِ جَازَ تَرْكُ الْإِنْزَالِ وَرَجَّحَ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَمِنْ