307 - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ: مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»

ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ إطْلَاقُ الْكِتَابِ يَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] إلَّا أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ خَصُّوا ذَلِكَ الْعُمُومَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى صِفَةِ الْمَعِيَّةِ، وَالْجَمْعِ عَلَى صِفَةِ التَّرْتِيبِ وَإِذَا كَانَ النَّهْيُ وَارِدًا عَلَى مُسَمَّى الْجَمْعِ - وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَسَادِ - فَيَقْتَضِي ذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا نَكَحَهُمَا مَعًا، فَنِكَاحُهُمَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ حَصَلَ فِيهِ الْجَمْعُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فَيَفْسُدُ، وَإِنْ حَصَلَ التَّرْتِيبُ فِي الْعَقْدَيْنِ.

فَالثَّانِي: هُوَ الْبَاطِلُ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى الْجَمْعِ قَدْ حَصَلَ بِهِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لِهَذَا الْحَدِيثِ «لَا تُنْكَحُ الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى، وَلَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى» وَذَلِكَ مُصَرِّحٌ بِتَحْرِيمِ جَمْعِ التَّرْتِيبِ.

وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا النَّهْيِ: مَا يَقَعُ بِسَبَبِ الْمُضَارَّةِ، مِنْ التَّبَاغُضِ وَالتَّنَافُرِ فَيُفْضِي ذَلِكَ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَقَدْ وَرَدَ الْإِشْعَارُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ

[حَدِيثٌ إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ]

ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَلْزَمُوا الْوَفَاءَ بِالشُّرُوطِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ كَأَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَسَرَّى، وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ: إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِمِثْلِ هَذِهِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْهَا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَرُبَّمَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْحَدِيثَ عَلَى شُرُوطٍ يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ مِثْلِ: أَنْ يَقْسِمَ لَهَا، وَأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا، أَوْ يُحْسِنَ عِشْرَتَهَا، وَمِثْلِ: أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015