مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ ذَلِكَ، إلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي»
296 - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لَا قُلْتُ: فَالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا قُلْت: فَالثُّلُثُ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ الْوَصَايَا] [حَدِيثٌ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ]
" الْوَصِيَّةُ " عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْوَصِيَّةُ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَذَلِكَ وَاجِبٌ، وَتَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَدَايُنِهِ وَرَدِّهِ مَعَ الْقُرْبِ: هَلْ تَجِبُ الْوَصِيَّةُ بِهِ عَلَى التَّضْيِيقِ وَالْفَوْرِ؟ وَكَأَنَّهُ رُوعِيَ فِي ذَلِكَ الْمَشَقَّةُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْوَصِيَّةُ بِالتَّطَوُّعَاتِ فِي الْقُرُبَاتِ، وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى النَّوْعِ الْأَوَّلِ.
وَالتَّرْخِيصُ فِي " اللَّيْلَتَيْنِ " أَوْ " الثَّلَاثِ " دَفْعٌ لِلْحَرَجِ وَالْعُسْرِ، وَرُبَّمَا اسْتَدَلَّ بِهِ قَوْمٌ عَلَى الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَالْكِتَابَةِ، لِقَوْلِهِ " وَصِيَّةٌ مَكْتُوبَةٌ " وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرًا زَائِدًا، وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ لَمَا كَانَ لِكِتَابَتِهِ فَائِدَةٌ وَالْمُخَالِفُونَ يَقُولُونَ: الْمُرَادُ وَصِيَّةٌ مَكْتُوبَةٌ بِشُرُوطِهَا، وَيَأْخُذُونَ الشُّرُوطَ مِنْ خَارِجٍ وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ ابْنِ عُمَرَ لِمُبَادَرَتِهِ فِي امْتِثَالِ الْأَمْرِ وَمُوَاظَبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ