وَقَالَ جَابِرٌ «إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ، فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْتَ: فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا» .

291 - وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا تُفْسِدُوهَا فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا: حَيًّا، وَمَيِّتًا، وَلِعَقِبِهِ»

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [حَدِيثٌ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ بِالْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ]

" الْعُمْرَى " لَفْظٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعُمْرِ وَهِيَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ أَوْ إبَاحَتُهَا مُدَّةَ الْعُمْرِ، وَهِيَ عَلَى وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهَا لِلْمُعَمَّرِ وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَهَذِهِ هِبَةٌ مُحَقَّقَةٌ، يَأْخُذُهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ يُعْمِرَهَا، وَيَشْتَرِطَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَمَّرِ وَفِي صِحَّةِ هَذِهِ الْعُمْرَى خِلَافٌ، لِمَا فِيهَا مِنْ تَغْيِيرِ وَضْعِ الْهِبَةِ.

وَثَالِثُهَا: أَنْ يُعْمِرَهَا مُدَّةَ حَيَّاتِهِ، وَلَا يَشْتَرِطَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ، وَلَا التَّأْبِيدَ، بَلْ يُطْلِقُ وَفِي صِحَّتِهَا: خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ إلَيْهِ، وَأَوْلَى هَهُنَا بِأَنْ تَصِحَّ، لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ، مِنْ بَعْدِ قَوْلِهِ «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَى» يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صُورَةِ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ تَقْيِيدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْمِلَ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ وَهُوَ مُبَيَّنٌ بِالْكَلَامِ بَعْدُ، فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَمِيعِ الصُّوَرِ، إذَا قُلْنَا: إنَّ مِثْلَ هَذِهِ الصِّيغَةِ مِنْ الرَّاوِي: تَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ أَرْبَابِ الْأُصُولِ، وَقَوْلُهُ " لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ " يُرِيدُ: أَنَّهَا الَّتِي شَرَطَ فِيهَا لَهُ وَلِعَقِبِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: صُورَةَ الْإِطْلَاقِ، وَيُؤْخَذُ كَوْنُهُ وَقَعَتْ فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015