. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْكُورَيْنِ فِي الْحَدِيثِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ. فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّاهُ إلَى النَّعَمِ خَاصَّةً وَمِنْهُمْ مِنْ عَدَّاهُ إلَى كُلِّ حَيَوَانٍ مَأْكُولِ اللَّحْمِ. وَهَذَا نَظَرَ إلَى الْمَعْنَى. فَإِنَّ الْمَأْكُولَ اللَّحْمَ يُقْصَدُ لَبَنُهُ فَتَفْوِيتُ الْمَقْصُودِ الَّذِي ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخَدِيعَةِ مُوجِبٌ لِلْخِيَارِ.
فَلَوْ حَفَّلَ أَتَانًا، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَجْهَانِ لَهُمْ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِشُرْبِ الْآدَمِيِّ، إلَّا أَنَّهُ مَقْصُودٌ لِتَرْبِيَةِ الْجَحْشِ. وَإِذَا اُعْتُبِرَ الْمَعْنَى. فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ هَذَا الْوَجْهُ. لِأَنَّ إثْبَاتَ الْخِيَارِ يَعْتَمِدُ فَوَاتَ أَمْرٍ مَقْصُودٍ. وَلَا يَتَخَصَّصُ ذَلِكَ بِأَمْرِ مُعَيَّنٍ. أَعْنِي الشُّرْبَ مَثَلًا. وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْجَارِيَةِ مِنْ الْآدَمِيَّاتِ لَوْ حَفَّلَهَا. وَإِذَا أُثْبِتَ الْخِيَارُ فِي الْأَتَانِ، فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَرُدُّ لِأَجْلِ لَبَنِهَا شَيْئًا.
وَمِنْ هَذَا يَتَبَيَّنُ لَكَ: أَنَّ الْأَتَانَ لَا يُقَاسُ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ، أَعْنِي الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِيَاسِ: اتِّحَادُ الْحُكْمِ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إثْبَاتُ الْخِيَارِ فِيهَا مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى قَاعِدَةٍ أُخْرَى. وَفِي رَدِّ شَيْءٍ لِأَجْلِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ خِلَافٌ أَيْضًا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا " مُطْلَقٌ فِي الْحَلَبَاتِ، لَكِنْ قَدْ تَقَيَّدَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إثْبَاتُ الْخِيَارِ " بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " وَاتَّفَقَ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَبَهَا ثَانِيَةً، وَأَرَادَ الرَّدَّ: أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفُوا إذَا حَلَبَهَا الثَّالِثَةَ، هَلْ يَكُونُ رَضِيَ بِمَنْعِ الرَّدِّ. وَرَجَّحُوا أَنْ لَا يُمْنَعَ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: الْحَدِيثُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِثَلَاثِ حَلَبَاتٍ. فَإِنَّ الْحَلْبَةَ الثَّانِيَةَ إذَا نَقَصَتْ مِنْ الْأُولَى: جَوَّزَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَرْعَى، أَوْ لِأَمْرٍ غَيْرِ التَّصْرِيَةِ. فَإِذَا حَلَبَهَا الثَّالِثَةَ تَحَقَّقَ التَّصْرِيَةُ. وَإِذَا كَانَتْ لَفْظَةُ " حَلَبَهَا " مُطْلَقَةً. فَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى الْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ. وَإِنَّمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ «وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا» يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِيَارِ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: هَلْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، أَوْ يَمْتَدُّ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟ فَقِيلَ يَمْتَدُّ، لِلْحَدِيثِ. وَقِيلَ: يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ، طَرْدًا لِقِيَاسِ خِيَارِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. وَيُتَأَوَّلُ الْحَدِيثُ. وَالصَّوَابُ: اتِّبَاعُ النَّصِّ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَقْدِيمُ