تَنَاجَشُوا. وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَلَا تُصَرُّوا الْغَنَمَ. وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا. وَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ. وَفِي لَفْظٍ هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا» .
" تَلَقِّي الرُّكْبَانِ " مِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا. لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الضَّرَرِ. وَهُوَ أَنْ يَتَلَقَّى طَائِفَةً يَحْمِلُونَ مَتَاعًا، فَيَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمُوا الْبَلَدَ، فَيَعْرِفُوا الْأَسْعَارَ. وَالْكَلَامُ فِيهِ: فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ:
أَحَدُهَا: التَّحْرِيمُ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالنَّهْيِ قَاصِدًا لِلتَّلَقِّي: فَهُوَ حَرَامٌ وَإِنْ خَرَجَ لِشُغْلٍ آخَرَ، فَرَآهُمْ مُقْبِلِينَ، فَاشْتَرَى: فَفِي إثْمِهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ. أَظْهَرُهُمَا: التَّأْثِيمُ.
الْمَوْضِعُ الثَّانِي: صِحَّةُ الْبَيْعِ أَوْ فَسَادُهُ. وَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: صَحِيحٌ. وَإِنْ كَانَ آثِمًا. وَعِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ: يَبْطُلُ. وَمُسْتَنَدُهُ: أَنَّ النَّهْيَ لِلْفَسَادِ. وَمُسْتَنَدُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ النَّهْيَ لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْعَقْدِ. وَلَا يُخِلُّ هَذَا الْفِعْلُ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ. وَإِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الْإِضْرَارِ بِالرُّكْبَانِ. وَذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: إثْبَاتُ الْخِيَارِ. فَحَيْثُ لَا غُرُورَ لِلرُّكْبَانِ، بِحَيْثُ يَكُونُونَ عَالِمِينَ بِالسِّعْرِ فَلَا خِيَارَ. وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ بِأَرْخَصَ مِنْ السِّعْرِ فَلَهُمْ الْخِيَارُ. وَمَا فِي لَفْظِ بَعْضِ الْمُصَنِّفِينَ مِنْ " أَنَّهُ يُخْبِرُهُمْ بِالسِّعْرِ كَاذِبًا " لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ. وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ بِمِثْلِ سِعْرِ الْبَلَدِ أَوْ أَكْثَرَ، فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُمْ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ. مِنْهُمْ مَنْ نَظَرَ إلَى انْتِفَاءِ الْمَعْنَى. وَهُوَ الْغَرَرُ وَالضَّرَرُ. فَلَمْ يُثْبِتْ الْخِيَارَ. وَمِنْهُمْ مَنْ نَظَرَ إلَى لَفْظِ حَدِيثٍ وَرَدَ بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُمْ فَجَرَى عَلَى ظَاهِرِهِ. وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى الْمَعْنَى. وَإِذَا أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ: فَهَلْ