. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ حَبِيبٍ - مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَنْ أَثْبَتَهُ، وَاَلَّذِينَ نَفَوْهُ اخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْعُذْرِ عَنْهُ. وَاَلَّذِي يَحْضُرُنَا الْآنَ مِنْ ذَلِكَ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ حَدِيثٌ خَالَفَهُ رَاوِيهِ. وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ: لَمْ يُعْمَلْ بِهِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ مَالِكًا رَوَاهُ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الرَّاوِيَ إذَا خَالَفَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ عِلْمِهِ بِالصِّحَّةِ، فَيَكُونُ فَاسِقًا، فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَا مَعَ عِلْمِهِ بِالصِّحَّةِ. فَهُوَ أَعْلَمُ بِعِلَلِ مَا رَوَى. فَيُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ.
وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَنْعُ الْمُقَدَّمَةِ.
الثَّانِيَةِ: وَهُوَ أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا خَالَفَ لَمْ يُعْمَلْ بِرِوَايَتِهِ. وَقَوْلُهُ " إذَا كَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِالصِّحَّةِ كَانَ فَاسِقًا " مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ يَعْلَمَ بِالصِّحَّةِ، وَيُخَالِفُ لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ عِنْدَهُ. وَلَا يَلْزَمُ تَقْلِيدُهُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ " إنْ كَانَ لَا مَعَ عِلْمِهِ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِرِوَايَتِهِ، فَيُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ " مَمْنُوعٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْحَدِيثُ بِعَدَالَةِ اللَّهِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ ظَاهِرًا. فَلَا يُتْرَكُ بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ وَالِاحْتِمَالِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَرْوِيٌّ مِنْ طُرُقٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِدْلَال بِهِ مِنْ جِهَةِ رِوَايَةِ مَالِكٍ، لَمْ يُتَعَذَّرْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّفَرُّدِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْمَأْخَذِ - أَعْنِي أَنَّ مُخَالَفَةَ الرَّاوِي لِرِوَايَتِهِ تَقْدَحُ فِي الْعَمَلِ بِهَا - فَإِنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: يُتَوَقَّفُ الْعَمَلُ بِرِوَايَةِ مَالِكٍ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ مَأْخَذٍ مُعَيَّنٍ بُطْلَانُ مَأْخَذِ الْحُكْمِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ الِاعْتِذَارَاتِ: أَنَّ هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى غَيْرُ مَقْبُولٍ. فَهَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ الْبِيَاعَاتِ مِمَّا تَتَكَرَّرُ مَرَّاتٍ لَا تُحْصَى. وَمِثْلُ هَذَا تَعُمُّ الْبَلْوَى بِمَعْرِفَةِ حُكْمِهِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْتَضِي أَنَّ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى يَكُونُ مَعْلُومًا عِنْدَ الْكَافَّةِ. فَانْفِرَادُ الْوَاحِدِ بِهِ: عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، فَيُرَدُّ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ: بِمَنْعِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ مَعًا. أَمَّا الْأُولَى - وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ بِمَا تَعُمُّ بِهِ