. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقَارِنِ لِسَبَبِ وُجُوبِهَا وَرُبَّمَا قُرِّرَ ذَلِكَ بِالِاسْتِشْهَادِ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، حَيْثُ تَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ لِاسْتِهْلَالِ الْهِلَالِ. وَهَذَا قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ، أَعْنِي سُقُوطَ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ بِهَذَا الْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ. وَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ بِالْإِعْسَارِ الْمُقَارِنِ.
وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا. وَبَعْدَ الْقَوْلِ بِهَذَا الْمَذْهَبِ فَهَهُنَا طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَنْعُ أَنْ لَا تَكُونَ الْكَفَّارَةُ أُخْرِجَتْ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ " فَفِيهِ وُجُوهٌ:
مِنْهَا: ادِّعَاءُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهَذَا الرَّجُلِ، أَيْ يُجْزِئُهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ صَدَقَةِ نَفْسِهِ لِفَقْرِهِ. فَسَوَّغَهَا لَهُ النَّبِيُّ.
وَمِنْهَا: ادِّعَاءُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَهَذَانِ ضَعِيفَانِ. إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى التَّخْصِيصِ وَلَا عَلَى النَّسْخِ.
وَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ صُرِفَتْ إلَى أَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ عَاجِزٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ لِعُسْرِهِ. وَهُمْ فُقَرَاءُ أَيْضًا. فَجَازَ إعْطَاءُ الْكَفَّارَةِ عَنْ نَفْسِهِ لَهُمْ. وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ لِمَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ مَعَ الْفَقْرِ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى أَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ. وَهَذَا لَا يَتِمُّ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى " كُلْهُ وَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ ".
وَمِنْهَا: مَا حَكَاهُ الْقَاضِي أَنَّهُ قِيلَ: لَمَّا مَلَّكَهُ إيَّاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُحْتَاجٌ جَازَ لَهُ أَكْلُهَا وَإِطْعَامُهَا أَهْلَهُ لِلْحَاجَةِ. وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ جُعِلَ عَامًّا فَلَيْسَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ. وَإِنْ جُعِلَ خَاصًّا فَهُوَ الْقَوْلُ الْمَحْكِيُّ أَوَّلًا.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: وَهُوَ - الْأَقْرَبُ - أَنْ يُجْعَلَ إعْطَاؤُهُ إيَّاهَا لَا عَنْ جِهَةِ الْكَفَّارَةِ. وَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً فِي الذِّمَّةِ لِمَا ثَبَتَ وُجُوبُهَا فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ. وَالسُّكُوتُ لِتَقَدُّمِ الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ. فَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ مَعَ اسْتِقْرَارِ أَنَّ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ يَتَأَخَّرُ لِلْإِعْسَارِ، وَلَا يَسْقُطُ، لِلْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ وَالنَّظَائِرِ، أَوْ يُؤْخَذُ الِاسْتِقْرَارُ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْ السُّكُوتِ. .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَ: جُمْهُورُ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مُفْسِدِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ.
وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، لِسُكُوتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ ذِكْرِهِ. وَبَعْضُهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إنْ كَفَّرَ بِالصِّيَامِ أَجْزَأَهُ الشَّهْرَانِ. وَإِنْ كَفَّرَ بِغَيْرِهِ قَضَى يَوْمًا. وَالصَّحِيحُ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ.
وَالسُّكُوتُ عَنْهُ لِتَقَرُّرِهِ وَظُهُورِهِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - أَعْنِي الْقَضَاءَ - وَالْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ مَوْجُودٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَلِأَصْحَابِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. وَهِيَ