181 - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ. قَالَ أَنَسٌ: قُلْت لِزَيْدٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً» .

182 - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ» .

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِفَتْحِ السِّينِ - وَهُوَ الْأَكْثَرُ. وَفِي السُّحُورِ بِضَمِّهَا. وَمِمَّا عُلِّلَ بِهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ: الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عِنْدَهُمْ السُّحُورُ. وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ.

[حَدِيثُ تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ]

فِيهِ دَلِيلُ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ السَّحُورِ، وَتَقْرِيبِهِ مِنْ الْفَجْرِ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَذَانِ هَهُنَا: الْأَذَانُ الثَّانِي. وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ حِفْظِ الْقُوَى، وَلِلْمُتَصَوِّفَةِ وَأَرْبَابِ الْبَاطِنِ فِي هَذَا كَلَامٌ تَشَوَّفُوا فِيهِ إلَى اعْتِبَارِ مَعْنَى الصَّوْمِ وَحِكْمَتِهِ وَهُوَ كَسْرُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ، وَقَالُوا: إنَّ مَنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ عَلَيْهِ عَادَتُهُ فِي مِقْدَارِ أَكْلِهِ لَا يَحْصُلُ لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الصَّوْمِ، وَهُوَ كَسْرُ الشَّهْوَتَيْنِ.

وَالصَّوَابُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - أَنَّ مَا زَادَ فِي الْمِقْدَارِ، حَتَّى تُعْدَمَ هَذِهِ الْحِكْمَةُ بِالْكُلِّيَّةِ لَا يُسْتَحَبُّ، كَعَادَةِ الْمُتْرَفِينَ فِي التَّأَنُّقِ فِي الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ. وَكَثْرَةِ الِاسْتِعْدَادِ فِيهَا، وَمَا لَا يَنْتَهِي إلَى ذَلِكَ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ. وَقَدْ تَخْتَلِفُ مَرَاتِبُ هَذَا الِاسْتِحْبَابِ بِاخْتِلَافِ مَقَاصِدِ النَّاسِ وَأَحْوَالِهِمْ، وَاخْتِلَافِ مِقْدَارِ مَا يَسْتَعْمِلُونَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015