171 - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ. وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ. وَلَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالِ. وَهِيَ الَّتِي تُحْرَزُ بِالْعَيْنِ وَتُرْمَقُ، لِشَرَفِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا. وَالْحِكْمَةُ فِيهِ: أَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ مُوَاسَاةً لِلْفُقَرَاءِ مِنْ مَالِ الْأَغْنِيَاءِ. وَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْإِجْحَافُ بِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ. فَسَامَحَ الشَّرْعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ بِمَا يَضَنُّونَ بِهِ. وَنَهَى الْمُصَدِّقِينَ عَنْ أَخْذِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى عَظِيمِ أَمْرِ الظُّلْمِ، وَاسْتِجَابَةِ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ عَقِيبَ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ. لِأَنَّ أَخْذَهَا ظُلْمٌ. وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ.

[حَدِيثُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ]

يُقَالُ " أَوَاقِيٌّ " بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَتُحْذَفُ الْيَاءُ. وَيُقَالُ: أُوقِيَّةٌ - بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ - وَوُقِيَّةٌ. وَأَنْكَرَهَا بَعْضُهُمْ " وَالْأُوقِيَّةُ " أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، فَالنِّصَابُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَالدِّرْهَمُ: يَنْطَلِقُ عَلَى الْخَالِصِ حَقِيقَةً.

فَإِنْ كَانَ مَغْشُوشًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ حَتَّى يَبْلُغَ مِنْ الْخَالِصِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَ " الذَّوْدُ " قِيلَ: إنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَى الْوَاحِدِ. وَقِيلَ: إنَّهَا كَالْقَوْمِ وَالرَّهْطِ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الزَّكَاةِ فِيمَا دُونَ هَذِهِ الْمَقَادِيرِ مِنْ هَذِهِ الْأَعْيَانِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُ فِي زَكَاةِ الْحَرْثِ. وَيُعَلِّقُ الزَّكَاةَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْهُ. وَيُسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ أَوْ دَالِيَةٍ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ» وَهَذَا عَامٌّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَدِيثِ بَيَانُ قَدْرِ الْمُخْرَجِ، لَا بَيَانُ الْمُخْرَجِ مِنْهُ. وَهَذَا فِيهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ. وَهُوَ أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْعَامَّةَ بِوَضْعِ اللُّغَةِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ.

أَحَدُهَا: مَا ظَهَرَ فِيهِ عَدَمُ قَصْدِ التَّعْمِيمِ، وَمُثِّلَ بِهَذَا الْحَدِيثُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015