161 - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، إذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ - أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ. وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ. فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا. وَفِي رِوَايَةٍ وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا رَأْسَهُ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَضَفْرِهِ، بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّ الضَّفْرَ بَعْدَ التَّسْرِيحِ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ لَا يُشْعِرُ بِهِ صَرِيحًا. وَهَذَا الضَّفْرُ ثَلَاثًا مَخْصُوصُ الِاسْتِحْبَابِ بِالْمَرْأَةِ. وَزَادَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِيهِ: أَنْ يَجْعَلَ الثَّلَاثَ خَلْفَ ظَهْرِهَا. وَرَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا أَثْبَتَ بِهِ الِاسْتِحْبَابَ لِذَلِكَ.
وَهُوَ غَرِيبٌ وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ فِعْلِ مَنْ غَسَّلَ بِنْتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " الْوَقْصُ " كَسْرُ الْعُنُقِ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا مَاتَ يَبْقَى فِي حَقِّهِ حُكْمُ الْإِحْرَامِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ لِانْقِطَاعِ الْعِبَادَةِ بِزَوَالِ مَحَلِّ التَّكْلِيفِ، وَهُوَ الْحَيَاةُ. لَكِنْ اتَّبَعَ الشَّافِعِيُّ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ. وَغَايَةُ مَا اعْتَذَرَ بِهِ عَنْ الْحَدِيثِ مَا قِيلَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّلَ هَذَا الْحُكْمَ فِي هَذَا الْمُحْرِمِ بِعِلَّةٍ لَا يَعْلَمُ وُجُودَهَا غَيْرُهُ. وَهُوَ أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا. وَهَذَا الْأَمْرُ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمُحْرِمِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَعُمُّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّصِّ بِعُمُومِ عِلَّتِهِ. وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ يَرَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِأَجْلِ الْإِحْرَامِ، فَيَعُمُّ كُلَّ مُحْرِمٍ.