ذلك صدرا صالحا [1] بعد ما ميّزت وتدبّرت ثم قابلته بالصور التي ذكرت وبينا انا يوما [2] جالس مع ابى عليّ بن حازم انظر في البحر ونحن [3] بساحل عدن إذ قال لي ما لي أراك متفكّرا قلت أيّد الله الشيخ قد حار عقلي [4] في هذا البحر لكثرة الاختلاف فيه والشيخ اليوم من اعلم الناس به لانه امام التجار ومراكبه ابدا تسافر الى اقاصيه فان رأى ان يصفه لي صفة اعتمد عليها [5] وارجع من الشّك اليها فعل [3] فقال على الخبير بها سقطت [6] ثم مسح الرمل بكفّه ورسم البحر عليه [7] لا طيلسان ولا طير وجعل له معارج [8] متلسّنة وشعبا عدّة [9] ثم قال هذه [10] صفة هذا البحر [11] لا صورة له غيرها، وانا أصوّره ساذجا وأدع الشعب والخلجان الّا شعبة ويلة لشهرتها وشدّة الحاجة الى معرفتها وكثرة الاسفار فيها وأدع ما اختلفوا فيه وارسم ما اتّفقوا عليه وعلى الأحوال كلّها لا شكّ انه يدور على ثلاثة أرباع جزيرة العرب وان له لسانين كما ذكرنا [12] من نحو مصر يفترقان على طرف الحجاز بموضع يسمّى فاران [13] وعظم هذا البحر وامتناعه بين عدن وعمان حتّى يصير اتّساعه نحو ستّمائة فرسخ ثم يصير لسان الى عبّادان، ومواضع [14] الخوف في المملكة جبيلان [15] موضع غرق فرعون وهي لجّة القلزم وفيها تسير المراكب في العراض لترجع من البرّ الغامر الى البرّ العامر ثم فاران وهو موضع تهبّ فيه الرياح من مصر والشام فتتحاذيان [16] وفيه هلاك المراكب ومن رسمهم ان يبعثوا رجالا يرقبون الريح فإذا سكنت الرياح أو غلبت التي هم من نحوها ساروا والّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015