أن لا يغفل عن محاسبة نفسه والتضييق عليها في حركاتها وسكناتها وخطراتها وخطواتها.
فكل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة لا خطر لها يمكن أن يشترى بها كنز من الكنوز لا يتناهى نعيمه أبد الآباد، فإضاعة هذه الأنفاس أو اشتراء صاحبها بها ما يجلب هلاكه خسران عظيم لا يسمح بمثله إلا أجهل الناس، وأحمقهم وأقلّهم عقلاً.
وإنما يظهر له حقيقة هذا الخسران يوم التغابن (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً). إنتهى.
ذكر ابن القيم أن توبة بن الصّمّة كان محاسباً لنفيه، فحسب يوماً فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيامها فإذا هي إحدى وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال: يا ويلتي ألقى ربي بإحدى وعشرين ألف ذنب؟ كيف وفي كل يوم آلاف من الذنوب؟ ثم خرّ مغشياً عليه فإذا هو ميت، فسمعوا قائلاً يقول: (يا لك ركْضة إلى الفردوس الأعلى).