به رسولاً من يترك ما جاء به لقول غيره ولا يترك قول غيره لقوله، ثم قال:
والمقصود أن من حقه سبحانه على كل أحد من عبيده أن يكون حبه كله لله وبغضه في الله وقوله لله وتركه لله وأن يذكره ولا ينساه ويطيعه ولا يعصيه ويشكره ولا يكفره، وإذا قام بذلك كله كانت نعم الله عليه أكثر من عمله، بل ذلك نفسه من نعم الله عليه حيث وفقه له ويسّره، وأعانه عليه وجعله من أهله، واختصّه به على غيره، فهو يستدعي شكراً آخر عليه ولا سبيل له إلى القيام بما يجب لله من الشكر أبداً.
فنعم الله تطالبه بالشكر وأعماله لا تقابلها، وذنوبه وغفلته وتقصيره قد تستنفد عمله.
فديوان النعم وديوان الذنوب يستنفدان طاعاته كلها. إنتهى.
تأمل قوله: (ولا سبيل له إلى القيام بما يجب لله من الشكر أبداً) وذلك لأن الثمن المزغوم من العبد هو أجلّ نعم الرب سبحانه عليه وهو الذي وفقه له وجعله من أهله، وهو طاعته.