ثم ذكر الأثر الذي رواه الإمام أحمد (أن الله تعالى أوحى إلى داود: يا داود أنذر عبادي الصادقين فلا يعجبن بأنفسهم ولا يتكلنّ على أعمالهم فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب وأقيم عليه عدلي إلا عذّبته من غير أن أظلمه، وبشر عبادي الخطائين أنه لا يتعاظمني ذنب أن أغفره وأتجاوز عنه).
والأثر الآخر أيضاً أن رجلاً تعبّد سبعين سنة، وكان يقول في دعائه: رب اجزني بعملي، فمات فأُدخل الجنة فكان فيها سبعين عاماً فلما فرغ وقته قيل له: أخرج فقد استوفيت عملك.
فقلّب أمره: أي شيء كان في الدنيا أوثق في نفسه؟ فلم يجد شيئاً أوثق في نفسه من دعاء الله والرغبة إليه، فأقبل يقول في دعائه: رب سمعتك وأنا في الدنيا وأنت تُقيل العشرات فأقل عثرتي فتُرك في الجنة.
وروى الإمام أحمد أيضاً أن موسى عليه السلام قال: إلهي كيف أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمتك لا يُجازيها عملي كله؟ فأوحى الله تعالى إليه الآن شكرتني.
قال ابن القيم: لو فُرض أن العبد يأتي بمقدوره كله من الطاعة ظاهراً وباطناً فالذي ينبغي لربه فوق ذلك وأضعاف أضعافه، فإذا