فيقوم بقلبه شاهد دار قد جعل الله النعيم المقيم الدائم بحذافيره فيها، تربتها المسك، وحصاؤها الدُّر، وبناؤها لَبِن الذهب والفضة وقصب اللؤلؤ، وشرابها أحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك، ونساؤها لو بَرَز وجه إحداهن في هذه الدنيا لَغَلَب على ضوء الشمس، ولباسهم الحرير من السندس والإستبرق، وخدمهم ولدان كاللؤلؤ المنثور، وفاكهتهم دائمة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، وغذاؤهم لحم طير مما يشتهون، وشرابهم عليه حمرة لا فيها غَوْل ولا هم عنها يُنْزَفون، وخضرتهم فاكهة مما يتخيرون، وشاهدهم حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، فهم على الأرائك متكئون، وفي تلك الرياض يُحبَرون، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون.
فإذا انضمّ إلى هذا الشاهد شاهد (يوم المزيد) والنظر إلى وجه الرب جل جلاله وسماع كلامه منه بلا واسطة كما قال صلى الله عليه وسلم: (بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم وقال: يا أهل الجنة سلام عليكم، ثم قرأ قوله تعالى: (سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ) ثم يتوارى عنهم وتبقى رحمته وبركته عليهم في ديارهم.