أما أنه لا ييأس من معونة فيعني أنه إذا كان المحرِّك له هو الرب جل جلاله وهو أقدر القادرين وهو الذي تفرّد بخلقه رزقه وهو أرحم الراحمين، فكيف ييأس من معونته له؟
أما أنه لا يُعوِّل على نية فمعناه أن لا يعتمد على نيته وعزمه ويثق بها فإن نيته وعزمه بيد الله تعالى لا بيده، وهي إلى الله لا إليه، فلتكن ثقته بمن هي في يده حقاً لا بمن هي جارية عليه حكماً. إنتهى.
وحيث أنه يخطر على بال الإنسان الإضلال السابق فهنا يقول ابن القيم: وأما الإضلال السابق الذي ضَلّ به عن قبول الإهتداء فهو إضلال ناشئ عن علم الله السابق في عبده أنه لا يصلح للهدى ولا يليق به وأن محلّه غير قابل له، فالله أعلم حيث يضع هداه وتوفيقه. إنتهى.
كلامه رحمه الله المتقدم عن المكر وأنه قطع مواد توفيق الله عن عبده وتخْليته بينه وبين نفسه وكون الرب سبحانه لا يبعث دواعيه ولا يحركه إلى مراضيه ومحابّه هو الخذلان.
والمعنى أن نفس العبد خلقها الرب متحركة بالإرادة فإذا لم يحركها بتوفيقه وما يرضيه فليس معناه أن لا تتحرك أو تُحرِّك نفسها بل يحرِّكها خالقها وخالق أفعالها لكن يحركها مخذولة ممكور بها