وعلى حسب المحبة وقوتها يكون الرجاء، فكل محب راج خائف بالضرورة، فهو أرجى ما يكون لحبيبه أحب ما يكون إليه وكذلك خوفه، فإنه يخاف سقوطه من عينه، وطرد محبوبه له وإبعاده، واحتجابه عنه، فخوفه أشد خوف، ورجاؤه ذاتي للمحبة فإنه يرجوه قبل لقائه والوصول إليه، فإذا لقيه ووصل إليه اشتد الرجاء له لما يحصل له به من حياة روحه ونعيم قلبه من ألطاف محبوبه وبره وإقباله عليه ونظره إليه بعين الرضى وتأهيله في محبته، وغير ذلك مما لا حياة للمحب ولا نعيم ولا فوز إلا بوصوله إليه من محبوبه، فرجاؤه أعظم رجاء وأجلّه وأتمه.
فتأمل هذا الموضع حق التأمل يُطْلعك على أسرار عظيمة من أسرار العبودية والمحبة، فكل محبة فهي مصحوبة بالخوف والرجاء وعلى قدر تمكنها من قلب المحب يشتد خوفه ورجاؤه لكن خوف المحب لا يصحبه وحْشة، بخلاف خوف المسيء، ورجاء المحب لا يصحبه عِلّة بخلاف رجاء الأجير، وأين رجاء المحب من رجاء الأجير؟ وبينهما كما بين حالهما.
وبالجملة فالرجاء ضروري للمريد السالك، والعارف لو فارقه لحظة لتلِف أو كاد، فإنه دائر بين ذنب يرجو غفرانه، وعيب يرجو