فإذا كان هذا التفات طَرْفه أو لحظِه فكيف التفات قلبه إلى ما سوى الله؟ هذا أعظم نصيب الشيطان من العبودية.
وأما حظ النفس من العمل فلا يعرفه إلا أهل البصائر الصادقون.
الثاني: علمه بما يستحقه الرب جل جلاله من حقوق العبودية وآدابها الظاهرة والباطنة وشروطها، وأن العبد أضعف وأعجز وأقلّ من أن يوفيها حقها وأن يرضى بها لربه.
فالعارف لا يرضى بشيء من عمله لربه ولا يرضى نفسه لله طرفة عين، ويستحيي من مقابلة الله بعمله.
فَسوء ظنه بنفسه وعمله وبغضه لها وكراهته لإنفاسه وصعودها إلى الله يحول بينه وبين الرضى بعمله والرضى عن نفسه.
وكان بعض السلف يصلي في اليوم والليلة أربعمائة ركعة ثم يقبض على لحيته ويهزها ويقول لنفسه: يا مأوى كل سوء وهل رضيتك لله طرفة عين؟
وقال بعضهم: آفة العبد رضاه عن نفسه، ومن نظر إلى نفسه باستحسان شيء منها فقد أهلكها، ومن لم يتّهم نفسه على دوام الأوقات فهو مغرور. إنتهى.