قال ابن القيم: يَعْرض للعامل في عمله ثلاث آفات رؤيته وملاحظته وطلب العوض عليه، ورضاه به وسكونه إليه.
فالذي يخلّصه من رؤية عمله: مشاهدته لمنّة الله عليه وفضله وتوفيقه له، وأنه بالله لا بنفسه، وأنه إنما أوجب عمله مشيئة الله لا مشيئته هو كما قال تعالى: (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
فهذا ينفعه شهود الجبر وأنه آلة محضه وأن فعله كحركات الأشجار، وهبوب الرياح، وأن المحرك له غيره، والفاعل فيه سواه، وأنه ميت والميت لا يفعل شيئاً، وأنه لو خُلّي ونفسه لم يكن من فعله الصالح شيء البتّة، فإن النفس جاهلة ظالمة، طبعها الكسل وإيثار الشهوات والبطالة، وهي منبع كل شر ومأوى كل سوء، وما كان هكذا لم يصدر منه خير ولا هو من شأنه.