قِبْلة كل قلب ما يتعبّده مهما يكن وهو ما يعكف على ذاته أو على صورته وينجذب إليه بكليته، وليس لقلوب المؤمنين وأرواحهم قبلة سوى معبودهم الحق، كما أن بيته قبلة أبدانهم، والرب سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ومهما خطر ببالك فالرب خلاف ذلك، ومهما تصور العبد ربه بصورة فهي حجاب بينه وبينه لا لأنه سبحانه ليس له صورة وإنما لعدم العلم بها رؤية ومشاهدة، ولا لأن ليس لصورته كيفية وإنما لعدم العلم بكيفيتها، فيبقى المثال العلمي في القلوب على مقتضى الإثبات ونفي المثيل، (وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ) والقلب لم يُفْطَر على صورة لإلهه يتصوّرها ويعكف عليها وإنما تُنقش فيه الصور ليتعلق بها دونه فهو مفطور على المحبة والإرادة والطلب لمعبوده الحق سبحانه، وهذه الفطرة تغذّيها الشّرعة وتفصل لها صفات الإله الحق سبحانه كالحادي المُشَوِّق.
فالفطرة في الأصل فيها المحبة والطلب والإرادة لفاطرها وإنما الصرف يأتي بعد، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على