ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وإن وجدت له طرقاً عن مجاهد ومقسم ـ وربما غيرهما ـ لا يثبت منها شئ، بعد التغاضي عن لفظة " يوم حنين " التي صار من السهولة بمكان أن تتحرف إلى " يوم خيبر" أو العكس، لا أقول في الكتب المطبوعة، بل وفي المخطوطات أيضاً.
حتى وجدت عند الطبراني في "الأوسط" (479) والدارقطني في "سننه"
(3/257) من طريقين عن عبد الله بن عمران العابدي (?) نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن مسلم الجَنَدي عن عكرمة عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توطأ حامل حتى تضع، أو حائل حتى تحيض "، واللفظ للدارقطني ـ رحمه الله ـ هكذا دون تقييد، وعمرو بن مسلم الجَنَدي أكثر عبارات الأئمة على تليينه، ومع ذلك فثم علتين أخريين:
الأولى: أن الدارقطني قال ـ عقبه ـ: " قال لنا ابن صاعد: وما قال لنا في هذا الإسناد أحدٌ (عن ابن عباس) إلا العابدي ".
وابن صاعد حافظ كبير وناقد من أهل البصر والفهم، وظاهر هذا أنه وقع له بهذا الإسناد عن عكرمة مرسلاً، والعابدي، وإن قال أبوحاتم ـ رحمه الله ـ: " صدوق " إلا أنه وَهِم على ابن عيينة في غير حديث، وقال ابن حبان في ترجمته من "الثقات" (8/363) : " يخطيء، ويخالف ".
الثانية: أن ابن أبي شيبة رواه في "المصنف" (4/370) : من طريق مَعْمَر عن عمرو بن مسلم عن طاووس: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر منادياً في غزاة غزاها أن لايطأ الرجال حاملاً حتى تضع، ولا حائلاً (?)
حتى تحيض"،