ثم إنني ـ بعد الفراغ من الكتاب ـ بحثتُ مادة (قَوَمَ) من "لسان العرب" (5/3781: 3787) ، فلم أجد ابن منظور ـ رحمه الله ـ يورد (أقام على الشيء) ، ولكنه فسر: (أقام الشيء) بـ (أدامه) من قوله تعالى: " ويقيمون الصلاة " وغيره.

(وأقام بالمكان) بمعنى: الثبات، كما فسر: (قام) و (قام على الشيء) بمعنى: (ثبت) و (واظب) و (دام) و (تمسك) كما تأيد هذا لدي ببعض شروح الحديث المذكور آنفاً في " إتحاف السادة المتقين " و" فيض القدير " وشرح الشيخ محمد خليل هراس ـ رحمه الله ـ لـ "الترغيب والترهيب"، وكان أوضحها.

ثم العجب أن حديث: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلماً ... " إلخ المروي عن ابن عباس؛ قال المناوي في " الفيض " (3/277) : " ... وقال المنذري: الأشبه وقفه، وقال في الفتح: الراجح أن قوله: والمستغفر إلخ، موقوف ".

فإن صح موقوفاً على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فظاهره يعارض ما نسب

إليه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جميع المؤمنين، إما للواحد منهم ذنب يعتاد إتيانه الحين بعد الحين، أو ذنب هو مقيم، وثابت، ومداوم، ويصر عليه، لا يحول بينه وبينه إلا الموت!

وسوف أناقش هذه القضية في نهاية البحث بإذن الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015