وفيهم ومنهم من يزعم أنّ الدين يأمر بأكل أموال من غيرهم الناس ولو بالباطل، ولذا كان من صفاتهم العريقة التي بينها القرآن:

البخل والتواصي به والأمر والحث عليه، وأكل السحت والمسارعة إليه، والجشع والشح، وعدم الإنفاق في الخير.

فلمّا كان بنو إسرائيل على هذه الطريقة فشا فيهم الربا بل وأصبح الربا متأصلاً في نفوسهم، بخلاف الزنا فلم يكن فاشياً كفشو الربا، لأنه كان مستقراً عندهم شدة قبح الزنا وكثرة مفاسدة.

فلمّا كان الأمر كذلك كان من المناسب تَعْظيمِ خطورة الرّبا على الزنا، والتشديد عليهم فيه، وبيان قبحه وشدة خطره، وكثرة مفاسده.

وفي مقابل ما تقدم - من بيان القرآن الكريم لولع بني إسرائيل بالمال - لا تجد في حديث القرآن عن بني إسرائيل ذكر للزنا اللهم إلاّ من باب النصوص العامة التي تبين أنهم يواقعون المحرمات والفواحش ولا ينتهون عن منكر فعلوه.

وإليكَ جانباً من هذه الآيات يبين هذا المعنى:

قال تعالى {فَبِظُلْمٍ مِنْ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً * وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} (النساء: 160، 161).

قال سيد قطب: ((وأخذهم الربا - لا عن جهل ولا عن قلة تنبيه - فقد نهوا عنه فأصروا عليه! وأكلهم أموال الناس بالباطل. بالربا وبغيره من الوسائل)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015