الخامسة: تفرد جرير بهذه الرواية عن أصحاب أيوب السختياني، فأين هم عن هذه الرواية المرفوعة!!.
قال ابن رَجَب: ((أصحاب أيوب السختياني:
قال الإمام أحمد: " ما عندي أعلم بحديث أيوب من حماد بن زيد، وقد أخطأ في غير شئ "، وقال ابن معين: " ليس أحد أثبت في أيوب من حماد بن زيد "، وقال: سليمان بن حرب وحماد بن زيد في أيوب أكثر من كل من روى عن أيوب.
وقال ابن معين: " إذا اختلف إسماعيل بن علية وحماد بن زيد في أيوب كان القول قول حماد، قيل ليحيى: فإن خالفه سفيان الثوري قال: فالقول قول حماد بن زيد في أيوب قال يحيى: ومن خالفه من الناس جميعاً في أيوب فالقول قوله "وهذا القول اختيار ابن عدي وغيره، وقال النسائي: " أثبت أصحاب أيوب: حماد بن زيد، وبعده عبد الوارث وابن علية ".
ورجحت طائفة ابن علية على حماد، قال البرديجي: ابن علية أثبت من روى عن أيوب، وقال بعضهم: حماد بن زيد، قال: ولم يختلفا إلا في حَدِيث أوقفه بن علية، ورفعه حماد، وهو حَدِيث أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " ليس أحد منكم ينجيه عمله! قالوا: ولا أنت؟! قال ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته منه وفضل " انتهى.
وليس وقف هذا الحديث مما يضره، فإن ابن سيرين كان يقف الأحاديث كثيراً ولا يرفعها، والناس كلهم يخالفون ويرفعونها ...
وقال يزيد بن الهيثم: سمعت يحيى بن معين سئل عن أحاديث أيوب اختلاف ابن علية وحماد بن زيد؟ فقال: " إن أيوب كان يحفظ وربما نسي الشئ " انتهى، فنسب الاختلاف إلى أيوب.
وقال أحمد في رواية الميموني: " عبد الوارث قد غلط في غير شئ، روى عن أيوب أحاديث لم يروها أحد من أصحابه ". وهو عنده مع هذا ثبت ضابط.
وقال الأثرم عن أحمد: " جرير بن حازم يروي عن أيوب عجائب ".
وذكر القواريري عن يحيى بن سعيد: أنه كان يثبت عبد الوراث، وإذا خالفه أحد من أصحابه يقول ما قال عبد الوارث انتهى، ولم يكتب عبد الوارث ولا ابن علية حَدِيث أيوب حتى مات أيوب، وأما حماد بن زيد، فكان ضريراً، وكان يحفظ، ولم يكن عنده كتاب لأيوب بالكلية، ونقل عثمان الدارمي عن ابن معين قال: عبد الوارث مثل حماد، قال: وهو أحب إلىّ في أيوب من الثقفي وابن عيينة)) (?).
وعلى كلام ابن حجر عوّل السخاوي في قوله - بعد ما تكلم على الحديث بكلام مستفاد من كلام شيخه ابن حجر -: ((وإذا علم هذا فالحديث حينئذ لا يكون من شرط الصحيح، بل يكون حسناً، لأنَّ له شواهد أخرى لا بأس بها)) (?)، ثم ذكر هذه الشواهد والتي تكلمتُ عنها كلها في هذا البحث وبينتُ أنها لا تصلح شواهد لأنّ مدارها على أوجه معلولة وغرائب عن ثقات، وروايات شديدي الضعف ومتروكين وكذابين.