43 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ التُّوزِيُّ الْبَزَّارُ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ الْخَوْلانِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ الْخَضِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: بَيْنَمَا الْمَنْصُورُ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِهِ وَعِنْدَهُ عُمُومَتُهُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، فَتَذَاكَرُوا أَيَّامَ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَا كَانُوا فِيهِ، فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي حَبْسِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَرْوَانَ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ وَلِيَّ عَهْدِ مَرْوَانَ، فَلَوْ أَحْضَرْتَهُ لَسَمِعْتَ عَجَبًا، فَقَالَ: يَا شَبِيبُ عَلَيَّ بِهِ، فَلَمَّا مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ رَدَّ السَّلامِ أَمَانٌ وَلَيْسَتْ. . . . . . . نَفْسِي بِذَلِكَ لَكَ هات. . . . . . , وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَقْدِرُ عَلَيَّ النَّفْسُ مِنْ ثِقْلِ مَا عَلَيَّ مِنَ الْحَدِيدِ وَصَدَئِهِ، وَذَلِكَ أَنِّي أَبُولُ فَتَرَشَّشُ عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا شَبِيبُ أَطْلِقْ عَنْهُ حَدِيدَهُ، فَأَطْلَقَ عَنْهُ، فَكَانَتْ بَنُو أُمَيَّةَ تَقْعُدُ عَلَى الأَسِرَّةِ، وَتُثْنَى الْوَسَائِدُ لِبَنِي هَاشِمٍ. . . . . . . فَثُنِيَتْ لَهُ وِسَادَةٌ، وَقَالَ: لأَبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبِيهِ، لَمَّا جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ فَفَعَلَ بِنَا مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ، فَكُنْتُ الْمَطْلُوبَ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، فَدَخَلْتُ إِلَى خِزَانَةٍ لِي، فَأَخْرَجْتُ عَشَرَةَ آلافِ دِينَارٍ، فَدَفَعْتُهَا إِلَى عَشَرَةِ غِلْمَانٍ لِي مِمَّنْ أَثِقُ بِهِمْ وَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يَشُدُّوهَا فِي أَوْسَاطِهِمْ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ فَأَخْرَجْتُ أسري جوهر عِنْدَكَ وَأَلْفَ دِينَارٍ، فَشَدَدْتُهَا فِي وَسَطِي ثُمَّ أَمَرْتُ بِأسرتي فَفُرِشَ لِي مَحْمَلٌ عَلَى خَمْسَةِ أَبْغَالٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ هَارِبًا فَدَفَعْتُ إِلَى قَصْرٍ لأعِيشَ فَإِذَا قَصْرٌ خَرَابٌ، فَأَمَرْتُ فَلْيُسْتَحَبَّ لِي نَاحِيةً مِنْهُ، وَفُرِشَ لِي فَأَمَرْتُ أَوْثَقَ غِلْمَانِي عِنْدِي، فَقُلْتُ لَهُ: امْضِ إِلَى مَلِكِ النُّوبَةِ، فَخُذْ لِي مِنْهُ أَمَانًا، وَمِرْ لِي مَعَكَ مِيرَةً، فَمَضَى فَأَبْطَأَ عَنِّي ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَسَوَّأْتُ ظَنًّا بِهِ، ثُمَّ عَادَ وَمَعَهُ آخَرُ، فَإِذَا هُوَ تَرْجُمَانِ الْمَلِكِ، فَدَخَلا عَلَيَّ، فَقَالَ التَّرْجُمَانُ: أَيْنَ يَا خَالِدُ؟ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ، وَقَامَ لِي وَقَبَّلَ يَدِي وَضَمَّهَا عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: الْمَلِكُ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ لَكَ: مَا الَّذِي جَاءَ بِكَ إِلَى بَلَدِي؟ أَرَاغِبٌ فِي دِينِي، أَمْ مُحَارِبٌ، أَمْ مُسْتَجِيرٌ بِي؟ فَقُلْتُ: تَقْرَأُ عَلَى الْمَلِكِ السَّلامَ، وَتَقُولُ لَهُ: أَمَّا رَغْبَةً فِي دِينِكَ فَإِنِّي لَسْتُ أَبْتَغِي بِدِينِي بَدَلا، وَأَمَّا مُحَارِبٌ لَكَ فَمَعَاذَ اللَّهِ، وَأَمَّا مُسْتَجِيرٌ بِكَ فَلَعَمْرِي، قَالَ: إِنَّ الْمَلِكَ يَقُولُ لَكَ: لا تُحَدِّثْنِي شَيْئًا فِي ابْتِيَاعِ مِيرَةٍ وَأَغْنَامٍ، فَإِنَّهُ يُوَجِّهُ إِلَيْكَ جَمِيعَ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَصَائِرٌ إِلَيْكَ بَعْدَ ثَلاثَةٍ، فَمَا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَمَرْتُ، فَفُرِشَ لِي، وَنُصِبَ لِي مثله. . .، قَالَ خُرَيْمُ: فَقُمْتُ بَيْنَ شُرْفَتَيْنِ مِنْ شُرَفِ الْقَصْرِ أَرْقُبُ مَجِيئَهُ، فَلَمَّا تَعَالَى النَّهَارُ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ حَافِيًا حَاسِرًا، بَيْنَ يَدَيْهِ سَبْعَةُ نَفَرٍ بِأَيْدِيهِمُ الْحِرَابُ وَخَلْفَهُ ثَلاثَةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: الْمَلِكُ، فَسَوَّلَتْ لِي نَفْسِي إِذَا هُوَ دَخَلَ، وَثَبْتُ عَلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ، وَاسْتَوْلَيْتُ عَلَى الأَمْرِ، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا عَشَرَةُ آلافِ رَجُلٍ. . . السِّلاح الَّذِي لَهُ بِهِ مِثْله، فَكَانَتْ مُوَافَاتُهُمْ وَقْتَ دُخُولِهِ الْقَصْرَ، فَأَقْبَلَ يَطَأُ الأرِضَ فَلا تَظْهَر قَدَمَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ؟ فَأَوْمَأَ إِلَيَّ فَكفر لِي وَقَبَّلَ يَدِي وَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلا تَقْعُدُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي وُطِّئَ لَكَ؟ فَقَالَ: قُلْ لَهُ: بَيْنَ يَدَيْكَ وَيَحِقُّ لِلْمَلِكِ أَنْ يَتَوَاضَعَ لِعَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِذْ رَفَعَهُ، ثُمَّ قَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ مَا الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ بَلَدِكَ وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ؟ فَقُلْتُ: جَاءَ قَوْمٌ أَقْرَبُ إِلَى نَبِيِّنَا مِنَّا فَاسْتَوْلَوْا عَلَى الأَمْرِ، فَقَتَلُونَا وَشَرَّدُونَا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ لَهُ: مَا بَالُكُمْ تَشْرَبُونَ الْخُمُورَ وَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ فِي كِتَابِكُمْ؟ فَقُلْتُ: عَبِيدٌ وَأَتْبَاعٌ دَخَلُوا فِي مُلْكِنَا مِنْ غَيْرِ إِرَادَتِنَا، فَحَرَّكَ رَأْسَهُ بِحَرَكَةِ مُنْكِرٍ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُكُمْ بِأَغْنَامِكُمْ؟ إِذَا رَكَبْتُمْ إِلَى صَيْدِكُمْ وَلَهْوِكُمْ تَنْزِلُونَ الْقُرَى، ثُمَّ لا يُقْنِعُكُمْ ذَلِكَ إِلا بِالْعَسْفِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، ثُمَّ تَهْدِمُونَ زُرُوعَهُمْ فِي طَلَبِ دُرَّاجٍ يُسَاوِي نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَعُصْفُورٍ لا تُسَاوِي شَيْئًا، كَلا وَلَكِنَّكُمْ قَوْمٌ اسْتَحْلَلْتُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ، وَأَتَيْتُمْ مَا عَنْهُ نَهَاكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمْضَى فِيكُمْ غَايَةً لَمْ تَبْلُغِ النِّهَايَةَ، فَإِنْ كُنْتَ مِنَ الْقَوْمِ فَلا تُقِيمَنَّ فِي بِلادِي فَوْقَ ثَلاثٍ، فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ تَنْزِلَ بِكَ نِقْمَةٌ فَتَشْمَلَنِي مَعَكَ.
فَرَجَعْتُ فَأَخَذَنِي غِلْمَانُكَ، فَهَأَنَذَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَاللَّهِ لَلْمَوْتُ أَيْسَرُ مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَهَمَّ بِإِطْلاقِهِ، فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ لَهُ فِي عُنُقِي بَيْعَةً، قَالَ: فَمَا تَرَى يَا عَمُّ؟ قَالَ: أَسْكِنْهُ فِي دَارٍ مِنْ دُورِنَا تُجْرِي عَلَيْهِ كَمَا تُجْرِي عَلَى أَحَدِنَا، فَقَالَ: خُذْهُ إِلَيْكَ، فَمَاتَ عِنْدَهُ