"المواقف" 1 وشرحه: (وللأمة خلع الإمام وعزله لسبب يوجبه مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين- كما كان لهم نصبه وأقامته- لانتظامهم وإعلائها، وإن أدى خلعه إلى الفتنة احتمل أي ارتكب أدنى المضرتين) 2 اهـ.
ولا يخفى أن إمام هؤلاء بغفلته وعدم تفقدّه للأحوال مع مضيّ مدة يمكنه فيها التفقد- لو كان على البال- وقع منه غاية الاختلال، وانتكس الدين مع ذلك إلى وراء، ونبذ بالعراء، على أنّه معلوم ما فعله علماء إفريقية- وفيهم للأمة أسوة وقدوة- من عزل الغائب المعهود له من أبيه بالخلافة، وبيعة أخيه الموجود بالحضرة لما خشي في إنتظار الغائب من توقّع الفتنة، وإذا كان هذا مع التوقع فكيف به مع الوقوع؟!، الذي يراود عن التمسك بالوثقى والدين المتين. وقد قال ابن حزم- رحمه الله- في "مراتب الاجماع": (أجمعوا على أنّه لو نزل عدوّ الدين بساحة المسلمين، وقالوا إن لم تعطونا مال فلان استأصلناكم، لم يحل أن يعطوا ذلك، ولو خيف إستئصال المسلمين) 3 اهـ.
ولا يخفى أن عدم مبادرة القوم لإقامة الإمام وبقائهم على الحال تمكين للعدوّ - دمّره الله- من الاستيلاء على الرقاب والأموال، إذ لا مقاتل يتعيّن ولا مدافع يتبيّن. كيف وهو قد استولى على أعظم الثغور، وصارت تخلى رعباً منه المنازل والدور، إن دام هذا ولم يحدث له تغيير لم يبك لميت ولم يفرح لمولود.
وقد يقال على جهة التلميح: هؤلاء القوم اختلت كلمتهم وفسد نظامهم وكل من كان كذلك عظمت مفسدته بسفك الدماء ونهب الأموال واستيلاء