فقوله: إلاّ إذا سدت ... إلخ، هو المستند لما نحن فيه، لأنّ العادة أنّ المذنب إذا علم أنّ قريبه يؤاخذ به إنْ فرّ هو بنفسه كف عن ذنبه، وهذا هو مستند الأمراء والولاة في القديم في مؤاخذة القرابات بمذنبيهم، حتى عقد الموثقون- في ذلك- الوثائق لمن أراد البراءة من قريبه الشرير المعلوم بالفساد والعصيان لئلاّ يؤاخذ به كما في "المتيطية" وغيرها.

ثم بعد التقدّم المذكور- للقبائل المذكورة- يجعل المراصد على الطرقات من أهل الثقات العارفين بمغابن الطرق من غير أولئك القبائل والمداشر خفية منهم، فإذا ظفر بأحد منهم حقت عقوبة جميعهم، إما المقبوض جاسوساً فلا يخفى حكمه وهو القتل- كما في خليل-.

وأمّا الذاهب للتجارة ولا سيّما (ببيعه ما لا يحل بيعه لهم) 1 كالخيل والبغال والجلود والشمع والنحاس أو عينه، لقول "سحنون": (من باع سلاحاً للعدوّ فقد أشرك في دماء المسلمين) اهـ والسلاح يشمل ذلك كلّه.

وقال الحسن: (من حمل إليهم الطعام فهو فاسق، ومن باع منهم السلاح فليس بمؤمن في هدنة أو غيرها) اهـ.

وقد أفتى القاضي سيدي محمد بن سودة، والشيخ ميّارة، والإمام الأبار: (بقتل من باع وصيفاً- أي مملوكاً- للعدوّ)، حيث كان من أهل الفساد، وإدخال الضرر على المسلمين، وكان لا ينكف إلاّ بالقتل زجراً لأمثاله عن العتو والفساد.

وأمّا الكاتمون للجواسيس والتجار، والمفرطون في حراستهم من إخوانهم- بعد التقدّم المذكور- فعليهم الأدب الوجيع، لأن حرس الجواسيس والتاجريين إليهم) ليضيق بهم وتقطع عنهم الحيرة) 7 جهاد يتعيّن بتعيين الإمام- كما في خليل - وغيره-، وهؤلاء الكاتمون والمفرطون قد عينهم الإمام للحراسة فخالفوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015