قال: وكذا وقع لرجل يقال له ابن فتحون 1: فإنه كان أشجع العرب والعجم، وكانت النصرانية تعرف شجاعته، وكان المستعين (أبو) 2 المقتدر بالله 3: يعظّمه لذلك، ويجرى له في كل يوم خمسمائة دينار، فحسده نظراؤه على كثرة العطاء- وما زالوا عليه- حتى غيّروه عليه.

فلما غزا المستعين بلاد الروم، فبرز علج وسط الميدان 4، ينادي: "هل من مبارز؟ فبرز إليه رجل، فقتله العلج، ثم خرج إليه آخر فقتله، ثم آخر فقتله، فضجّ المسلمون، واضطربوا، ولم يقدر أحد من المسلمين: أن يخرج إليه، وبقي الناس في حيرة!.

فقيل للمستعين: "ما لها إلاّ ابن فتحون" فدعاه، وقال له: "أترى ما يصنع هذا العلج؟ " فقال: "هو بعيني" قال: "فما الحيلة فيه؟ " قال: "وما تريد؟ ". قال: "أن تكفي المسلمين شرّه"، فلبس ابن فتحون قميصاً واسع الأكمام، وركب فرسه بلا سلاح، وأخذ بيده سوطاً طويلاً، وفي طرفه عقدة، ثم برز إليه- فعجب النصراني منه! - وحمل كل منهما على صاحبه، فلم تخط طعنة النصراني سرج ابن فتحون، فتعلّق ابن فتحون برقبة فرسه ونزل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015