أمّا أول من أشار إلى وجود خلاف بين نسخ كتاب الحاكم في هذا الموطن فهو ابنُ رُشيد السبتي (ت 721هـ) ، حيث نقل كلام الحاكم بلفظ ((بسنٍّ مُحتملة)) ، وبلفظ: ((لسنٍّ يحتمله)) ، وكلاهما ظاهران على مذهب مسلم. ثم ذكر أنه وجده أيضًا في نسخة بلفظ: ((ليس يحتمله)) (?) ، وهذه على رأي ابن رشيد على خلاف رأي مسلم، وهي عنده أرجح، بدليل أن الحاكم مَثّل للمسند بمثالٍ معروفٌ سماعُ رواتِه بعضهم من بعض.

ثم لمّا نقل الحافظ ابن حجر كلامَ الحاكم في كتابه (النكت) ، جاء في نُسخه الخطيّة على الوجه الذي رجّحه ابنُ رُشيد: ((ليس يحتمله)) ، لكن محقق (النكت) غيّره إلى ((لسنٍّ يحتمله)) (?) ، وهو تغييرٌ في محلِّه ولا شك، لأن كلامَ الحافظ واحتجاجَه بكلام الحاكم لا يستقيم إلا إن كانت العبارة عند الحافظ بلفظ ((لسنّ يحتمله)) . حيث إن الحافظ أورد كلام الحاكم في مجال الاستدلال به على أنّ (المسند) لا يُشترط فيه حقيقة الاتصال، وإنما يكفي فيه أن يكون ظاهره الاتصال، فلا يُعارض وَصْفَ الحديث بأنه (مسند) وُجُودُ انقطاعٍ خفيٍّ فيه. وهذا السياق لا يستقيم معه أن يكون الحاكم قد قال: ((ليس يحتمله)) ، على فهم ابن رُشيد منه.

ثم جاء السخاوي بعد ذلك، فنقل عبارة الحاكم بلفظ ((ليس يحتمله)) (?) ، وواضحٌ من سياق كلامه أنه هكذا يرى العبارة، وأنها دالّةٌ على الاتصال القطعي، لا الظاهري فحسب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015