وعلى فرض صحته فقد سمع ابنُ سفيان الصحيحَ بمقدّناع ستى (257هـ) ، عاش بعدها مسلم أربع سنوات، فهل ترضى ببقاء تلك الاحتمالات؟!!
ثم إن مقدّمة مسلم ناطقةٌ بأنها كُتبت قبل الصحيح (بل ذهب بعض العلماء -كأبي عبد الله الحاكم- إلى أنّ الإمامَ مسلمًا بعد أن كتب مقدّمة كتابه، وابتدأَ بكتابةِ الصحيحِ وَفقَ خُطّتها، اخترمتْهُ المنيّةُ قبل استيفاءِ جميع الخُطّة) . وانظر إلى قول مسلم: ((وظننت حين سألتني تجشّمَ ذلك، أن لو عُزِمَ لي عليه وقُضي لي تمامه، كان أولُ من يُصيبُه نفعُ ذلك إيّايَ خاصة، قبل غيري من الناس. . .، ثم إنا إن شاء الله مبتدئون في تخريج ما سألتَ، وتأليفِهِ على شريطةٍ سوف أذكرها لك. . .)) .
الرابع: قوّة عبارات مسلم في نقل الإجماع، وثقته بذلك كل الثقة، واعتداده به غايةَ الاعتداد. مما لا يُمكن معه أن يكون نقلُه لهذا الإجماع فلتةً من غير رويّة، وزلّةً لم تسبقها أناة.
انظر إليه وهو يقول بعد نقله للمذهب الذي وصفه بأنه مخترع مستحدث، قال: ((ذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديمًا وحديثًا. . (ثم ذكر رأيه الذي نقل عليه الإجماع، وطالب صاحب القول المخترع بالدليل قائلاً:) فهل تجد هذا الشرط الذي اشترطته عن أحد يلزم قولُه، وإلا فهلمّ دليلاً على ما زعمتَ. فإن ادعى قولَ أحدٍ من علماء السلف بما زعم من إدخال الشريطة في تثبيت الخبر، طُولب به، ولن يجد هو ولا غيره إلى إيجاده سبيلاً)) (?) .