أمّا أسبابُ قوّةِ هذا النقل للإجماع، وملامحُ جلالته، فالآتية:
الأول: إمامة ناقل هذا الإجماع في علم الحديث الإمامةَ المسلَّم بها عند كُلِّ الأُمّة، بل يكفي أن نذكر اسمه (وهو الإمام مسلم) لندرك مكانته بين جهابذة الأئمة ومنزلته عند نقاد الحديث. وهو الإمام الجامع لهذا العلم من أطرافه، المتتلمذُ على الجمّ الغفير من علماء عصره، الآخذُ لأصول هذا العلم وفروعه وظواهره وبواطنه عن أكبر أئمة عصره، وشيوخ الحديث في زمانه.
فهل يُتَصوَّر أن يُخطىءَ هذا الإمام: لا في تحرير مسألة جُزئيّة من هذا العلم، ولا في أصل من أصوله، ولا في أصل عظيم من أصوله، بل في ادّعاء الإجماع على أصل عظيم من أصول علم الحديث، ألا وهو شرط قبول الحديث المعنعن. . الحديث المعنعن الذي ملأ دواوين السنّة، وغلبَ على جُلّ الروايات؟!!! ثم يدّعي الإجماع على هذا الأصل العظيم خطأ!!! هل يستطيعُ أحدٌ أن يصدّق أن هذا قد وقع؟!!!
نعم. . إنّ مسلمًا ينقل الإجماع، ينقل الإجماعَ مسمٌ!! ولا يذكر رأيَه واجتهادَه الخاصّ في هذه المسألة.
هو لو ذكر رأيه الخاص في مسألته هذه، لاسْتبعدنا كُلَّ الاستبعاد أن يُخطىء فيها، لأنّها مسألة من أمهات المسائل، ومن القواعد العظام في علوم الحديث، التي يستحيل أن يخطىء فيها حديثي (مبتدىء في علم الحديث) ، فكيف بإمام الحديث؟!!!
ولا يذكر مسلمٌ رأيه الخاصّ، بل ينقل الإجماع. . أيها الناس!!
ثم يريد منا الإمام النووي (رحمه الله) أن نصدّق أن الإجماع الذي