وكان يكفيه الاحتمال الأول، فإنا نقول: ألم يصححه البخاري بإخراجه في صحيحه؟ ومن قال بأنه لم يعتمد عليه؟ لمَ لا أقول إنه لم يعتمد على الأحاديث الأخرى واعتمد على هذا؟
ثم هذا الحاكم يقول: ((قد احتجّا جميعًا بعبد الله بن بريدة عن أبيه)) (?) . ولمّا ذكر الدارقطني من أخرج له البخاري اعتبارًا أو مقرونًا لم يذكر عبد الله بن بريدة، بل ذكره في مسرده ممن أخرج لهم البخاري احتجاجًا (?) .
وهذا الحافظ لما أراد الاعتذار للبخاري لم يزعم أنه أخرج له في المتابعات أو الشواهد، وإنما قال: ((ليس له في البخاري من روايته عن أبيه سوى حديث واحد)) (?) . ومع ما في قوله من أنه لم يخرج له إلا حديثًا وحدًا من نظر، حيث أخرج له حديثين كما سبق، إلا أن هذا اعترافٌ من الحافظ (الذي تبنّى أنه لم يسمع من أبيه) بأنه لا عُذْرَ للبخاري في إخراجه، وكأنه يقول: إنما هو حديثٌ واحد أخطأ فيه البخاري!!!
وبذلك يتّضح أن البخاري قد يقول: ((لا أعلم لفلان سماعًا من فلان)) ، وهو لا يريد الإعلال بذلك، وإنما يريد إخبارَنا بذلك فقط!
فأين هذا ممن جعل كل خبرٍ بعدم العلم بالسماع إعلالاً بعدم العلم به، وبالتالي فهو دليل على اشتراط العلم به؟!!