على السماع واللقاء؟ دليلٌ مثلُ هاتيك البُنُوَّة مع المعاصرة الطويلة والمعاشرة الأكيدة بين الأب وأبنائه؟ أم تصريحُ راوٍ بالسماع مرّةً واحدةً عن راوٍ أخى لا علاقة بينهما، لا قرابة ولا بلد، بل ربما كان بلداهما متباعدين: كشامي عن عراقي، أو يماني عن حجازي، ونحوها؟ أي الدليلين أقوى على السماع يا معشر العقلاء؟!!!
هل يمكن أن يقول عاقل إن مجرّدَ ذلك التصريح هو الذي يدل السماع، وأن ذلك الابن -مع كل تلك الملاصقة والمعايشة- لم يسمع من أبيه شيئًا؟!! ثم هل يجرؤ أحدٌ أن ينسب إلى الإمام البخاري تلك العقلية المتحجّرة على ذلك الشرط المزعوم؟!!!
وعلى كل حال، لنبدأ الآن الدخول في ذكر المثالين:
المثال الأول: سليمان بن بريدة، قال عنه البخاري في (التاريخ الكبير) : ((لم يذكر سليمان سماعًا من أبيه)) (?) .
فهل يتجرّأ أحدٌ، بعد ادلّة السماع التي ذكرناها آنفًا من كلام البخاري نفسه، الذي أثبت تلك المعاصرة الطويلة بين سليمان وأبيه= أن يزعمَ أن البخاري يردّ حديث سليمان عن أبيه لعدم علمه بالسماع؟!! وأن البخاري لم يكن ملتفتًا إلى كل تلك الأدلّة، مع أنه لم يكن بينه وبين أن يقبل حديثه إلا أن يصرّح بالسماع في حديث واحد؟!! وأنه لم يكن بينه وبين أن يقبل حديث شامي عن يمني إلا أن يصرّح بالسماع في حديث واحد، وإن لم يكن بينهما داعٍ من دواعي اللقاء ولا قرينة إلا ذلك الحديث الواحد؟!!!