والأناة، حتى عزمت على نِشْر ما أثمره ذلك الجُهدُ والتدبُّر والاستدلالُ والتحلُّمُ والتأنّي.
وإن كنتُ (ولم أزل) أعلم من ضعف الإنسان وجهله ما يمكن معه أن يحيف الحيفَ العظيم، وهو يحسب أنه على الصراط المستقيم. لكن ماذا أعمل؟! والحقُّ أمامي أراه كالشمس، والأدلّةُ تتوارد تَتْرى على إحقاقه وإزهاق الباطل.
ليست المسألة من مسائل العقيدة الكبار، ولا من أصول الدين العظمى، لكنها -بحقّ- من أمهات مسائل علوم الحديث، إنها مسألة شروط قبول الحديث المعنعن.
لقد ابتدأتُ التفكير في هذه المسألة، ومناقشة إحدى أكبر مسلّماتها من عام (1410هـ) ، فانهارت عندي هذه المسلّمة من عام (1411هـ) .
لكني بقيتُ مفكّرًا متدبّرًا، لا أكاد أذكرها لأحدٍ، إلا آحادًا قلائل، حرصًا مني على زيادة التثبّت، وبغرضٍ آخر: هو التفرّغُ لها في بحث مُسْتَقِلّ.
ولقد أعانتني -بعد ذلك- النتائجُ المهمة التي توصّلت لها في كتابي (المرسل الخفي) ، وفيها نتائج لم أسبق إلى التنصيص عليها من قَبْلُ أبدًا في كتب المصطلح وعلوم الحديث= فازددتُ يقينًا من صحّة ما كانت قد قادتنى إليها الأدلّةُ التي سبق أن تنبّهت لها، وزاد عُمقُ المسألة عندي، واسْتَنَارت أدلّتها في قلبي.
حتى ابتدأت إعلانَ ذلك في دروسي الخاصة من عام (1414هـ) ، ثم أعلنتها في محاضرة عامة في مسجد من مساجد مدينة جدّة سنة