الذي لا يختلف فيه اثنان: أن البخاري لم يُصَرِّح بالشرط المنسوب إليه، وهو اشتراطُ النصِّ الدال على اللقاء أو السماع، وأنه لا صَرّح بذلك في صحيحه ولا خارج صحيحه.
وهذه قاعدةٌ، نبني عليها، لأنها محلّ اتّفاق.
والقاعدة الثانية: أن كتاب (صحيح البخاري) لا ينفع أن يكون دليلاً على صحة نسبة ذلك الشرط إلى البخاري، ولو تحقّق فيه ذلك الشرط فعلاً دون انخرام، فكيف والشأن أنه لم يتحقق فيه!!!
أمّا عدمُ صَلاَحِيَتِهِ لإثبات نسبة ذلك الشرط إلى البخاري ولو كان الشرطُ مُتحقّقًا فيه= فلأن البخاري أسَّسَ كتابه على شدّة الاحتياط، وبناه على المبالغة في التحرِّي. فتحقُّقُ ذلك الشرط في صحيح البخاري (لو تحقق) لا يلزم منه أن البخاريَّ كان يشترطه، لأنه حينها خرج مخرج الاحتياط والتَّحَرِّي. فكم من حديثٍ صحيح عند البخاري، لم يخرجه في الصحيح احتياطًا لصحيحه، وكم من رجل ثقةٍ عنده تجنّب التخريج له في الصحيح زيادةً في التنزيه لكتابه. فكما لم يدل تركه لذلك الحديث أنه غير صحيح عند البخاري، وكما لم يدل تجنُّبُهُ ذلك الراوي أنه ضعيف عنده= فكذلك تجنُّبُهُ لحديث من عَنْعَنَ عمّن عاصره ولم