تعبيرُ بعضِ أهل العلم: ((بأن البخاري يشترط العلم باللقاء أو السماع، وأن مسلمًا لا يشترط العلم بذلك)) تعبيرٌ فيه تجوُّزٌ وتسمُّحٌ، الداعي إليه عند هؤلاء العلماء: الاختصارُ، وعدم خفاء المعنى المقصود لدى السامعين. ذلك أن الشيخين كليهما -في الحقيقة- يشترطان العلم بالسماع، لأن هذا هو مقتضى شرط الاتّصال الذي يتّفقُ الشيخان عليه. وإنما يظهر الفرق بين المذهب المنسوب إلى البخاري ومذهب مسلم في وسيلة العلم بالسماع، لا في العلم بالسماع المتّفق عليه بالاتفاق على اشتراط الاتصال. فالبخاري (في الشرط المنسوب إليه) لا يعلم بالسماع حتى يقف على نصٍّ صريح يدل عليه، ومسلمٌ لا يعلم بالسماع إلا بالشروط الثلاثة المذكورة سابقًا.
لذلك فإن الأدقّ أن يقال في التعبير عن شرط الشيخين: إن البخاري (فيما يُنسب إليه) يشترط أن يثبت لديه نصٌّ صريح دالٌّ على اللقاء أو السماع، وأمّا مسلم فلا يشترط ذلك. مع اشتراطهما جميعًا الاتصال، الذي إنما يُتَصَوَّرُ حصوله باللقاء والسماع.
وأنبِّه إلى هذا حتى لا يقع في بعض الأذهان أن مسلمًا لا يشترط العلم باللقاء والسماع، بمعنى أنه لا يشترط الاتصال!!
ومع هذا التنبيه فلا أجدُ عليَّ من غضاضةٍ إذا ما استخدمتُ العبارة المختصرةَ التي استخدمها العلماءُ من قبل، تجوُّزًا وتسمُّحًا أيضًا
ذكر أبو المظفّر السمعاني مجادلةً بين الشافعيّة والحنفيّة حول حُجِّيَّة الحديث المرسل، وأن الحنفيّة احتجّوا على الشافعيّة بقبول الشافعيّة