ثانيًا: بيّنّا آنفًا -في هذا البحث- أن (صحيح البخاري) لا ينفع أن يكون دليلاً على اشتراطه العلم بالسماع، فلا حاجةَ لإعادة ما ذكرناه (?) .
وبيّنّا أيضًا أن أقوال البخاري خارج صحيحه بنفي العلم بالسماع لا تدلّ -ولا من وجه- على اشتراط العلم به (?) .
فأيُّ استقراءٍ -بعد هذا- قام به العلماء فأوصلهم إلى تلك النتيجة؟!
ثالثًا: صورة الاستقراء التي يظن صاحبُ هذه الشبهة أن العلماء قد قاموا بها، والتي يطالبني بالقيام بها حتّى يصحّ لي الردّ عليهم (في رَأْيِه) = هي الصورة التالية:
أن آتي إلى كل إسنادٍ في صحيح البخاري، وإلى كل راويين في كل إسنادٍ فيه، روى أحدهما عن الآخر بالعنعنة، لأبحثَ حينها في جميع روايات ذلك الراوي عمّن روى عنه، لا في صحيح البخاري وحده، ولا في الكتب الستة، ولا الستين. . بل في جميع كتب السنّة، لأنظر: هل صَرّح بالسماع أو اللقاء مَرّةً عنه بإسنادٍ مقبول سالمٍ من العلل، أم لم يُصرِّح.
وهكذا أعمل مع الراوي الثاني في روايته عن الثالث، ومع الثالث في روايته عن الرابع.
ثم أنتقل إلى جميع أسانيد البخاري على هذا المنوال، إسنادًا إسنادًا، وراويًا راويًا فيه.