ولن أُطيل في بيان الظلم الذي نال صحيح مسلم، ولن أُفَصِّل وُجُوهَ هذا الظلم، فيكفيك منها الوجه المؤلم التالي ذكره:
فبعد أن رجّح ابنُ رجب الشرط المنسوب إلى البخاري، قال: ((فإن قال قائل: هذا يلزمُ منه طَرْحُ أكثر الأحاديث وتركُ الاحتجاج بها؟! قيل: من هاهُنا عَظُمَ ذلك على مسلم (رحمه الله) . والصواب: أن ما لم يرد فيه السماع من الأسانيد لا يُحكم باتّصاله، ويُحتجُّ به مع إمكان اللُّقِيّ، كما يُحتجّ بمرسل أكابر التابعين، كما نصَّ عليه الإمامُ أحمد، وقد سبق ذكر ذلك في المرسل)) (?) .
فاللهمّ أسألك عفوَك!! خرجنا بأن صحيح مسلم (ثاني أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى) حكمُه حكم المراسيل!!! والحاصل أن مسلمًا أقرّ قاعدةً في مقدّمة صحيحه تقول: والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجّة!!!
أبمثل هذا ندافع عن صحيح مسلم؟!! فعن السنة النبويّة كُلِّها؟!!!
رحم الله ابنَ رجب!! فهو معذورٌ مأجورٌ (إن شاء الله تعالى) ، فقد قال ما أدّى إليه اجتهادُهُ. لكنّي ملومٌ مأزورٌ إن سكتُّ عن بيان خطئه فيما قال!!
ثم يأتي بحثنا هذا، بنتيجته تلك، ليدفع عن مسلم وصحيحِه ذلك الظلمَ جميعَه، منافحًا عن السنة النبويّة المشرّفة كلِّها في مضامينه.
ثم إن للبحث بعد ذلك من النتائج الأخرى الفرعيّة والجانبيّة ما لن يُحرمَها مَنْ تمعّن فيه، وأجال فكره في معانيه.