الْإِيمَانِ وَالْعِلْمِ، وَجَعَلَ لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ بَيْنَ أَهْلِ الظُّلْمَةِ كَمَا يَمْشِي الرَّجُلُ بِالسِّرَاجِ الْمُضِيءِ فِي الظُّلْمَةِ، فَهُوَ يَرَى هْلَ الظُّلْمَةِ فِي ظُلُمَاتِهِمْ وَهُمْ لَا يَرَوْنَهُ كَالْبَصِيرِ الَّذِي يَمْشِي بَيْنَ الْعُمْيَانِ.
وَالْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ الرُّسُلِ " صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ " وَمُتَابَعَتِهِمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي عَشْرِ ظُلُمَاتٍ: ظُلْمَةُ الطَّبْعِ، وَظُلْمَةُ الْجَهْلِ، وَظُلْمَةُ الْهَوَى، وَظُلْمَةُ الْقَوْلِ، وَظُلْمَةُ الْعَمَلِ، وَظُلْمَةُ الْمُدْخَلِ، وَظُلْمَةُ الْمُخْرَجِ، وَظُلْمَةُ الْقَبْرِ، وَظُلْمَةُ الْقِيَامَةِ، وَظُلْمَةُ دَارِ الْقَرَارِ. فَالظُّلْمَةُ لَازِمَةٌ لَهُمْ فِي دُورِهِمُ الثَّلَاثِ.
وَأَتْبَاعُ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ يَتَقَلَّبُونَ فِي عَشَرَةِ أَنْوَارٍ، وَلِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَنَبِيِّهَا مِنَ النُّورِ مَا لَيْسَ لِأُمَّةٍ غَيْرِهَا، وَلَا لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ، فَإِنَّ لِكُلِّ " نَبِيٍّ " مِنْهُمْ نُورَيْنِ، وَلِنَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ نُورٌ تَامٌّ، كَذَلِكَ صِفَتُهُ وَصِفَةُ أُمَّتِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحديد: 28] وَفِي قَوْلِهِ: {تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28] إِعْلَامٌ بِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ وَتَقَلُّبَهُمُ الَّذِي يَنْفَعُهُمْ إِنَّمَا هُوَ النُّورُ، وَأَنَّ مَشْيَهُمْ بِغَيْرِ النُّورِ غَيْرُ مُجْدٍ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَافِعٌ لَهُمْ بَلْ ضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ.