الحمدُ لله, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وسلم. أما بعد:
فهذا بحث يتناول (أثر عمل المرأة في النفقة الزوجية).
وهذه المسألة مِن المسائل الفقهية التي لم يتطرّق لها جُلّ فقهائنا المتقدمين, ويدلّ على ذلك تسميتها عند الفقهاء الذين تكلموا عنها -وهم مِن فقهاء القرن السابع الهجري- بـ (الواقعة) (?) أي النازلة التي حدث السؤال عنها, ممَّا يَدُلُّ على قلَّة تناولها في كتابات المتقدمين.
ولعلَّ السَّبب في عدمِ تعرّضهم لهذه المسألة -مع كثرة اهتمام المعاصرين بها- هو اختلاف طبيعة العمل في الأزمنة المتقدِّمة, مقارنةً بالأزمنة المتأخرة, إضافةً لتغيّر المعايير الاجتماعية الحاكمة للعمل وطبيعته, والظروفِ الاقتصاديّة والتنظيمية التي اختلفت عن ذي قبل حتى غدا عمل المرأة حقًّا لها تكفلُهُ الأنظمة الحقوقيّة في العالَم, في حين كان العرفُ عند الأوائل أن عمل المرأةِ مِن باب التكليف والمشقّة عليها, ولذا فإنهم قرروا أنه لا يلزم الزوجة العمل إذا أمرها زوجُها; لأن هذا من باب التكسب لا مِن باب العشرة (?).