الثالث: أن يكون الزوج غيرَ باذلٍ لنفقة زوجته الكافيةِ لها.

وذلك أن الحقوق الزوجيّة ثابتة على سبيل المقابلة; كما قال جلّ وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (?). فإذا أخلّ الزوجُ بما وَجَبَ عليه مِن النفقة لزوجتِه -عجزًا أو قصدًا- فإنه يجوز للمرأة على سبيل المقابلةِ أن تترك بعض الواجباتِ عليها, والعكس بالعكس.

وعلى ذلك فلو امتنع الزوجُ مِن نفقة زوجتِه لإعسارِه, أو شَحَّ بالنفقة ولم يبذلها ومَطَلها إيّاه, جاز للمرأة النشوزُ, ويكون ذلك بمنعها نفسَها, أو خروجِها من بيته; لأن المنعَ كان بسببٍ مِن قبلِه.

ومثله لو أن قُدرة الزوج على الإنفاق ضعيفةٌ بسببِ ضيقِ ذات يدِه, والمرأة محتاجَةٌ للمَال لعلاجٍ ونحوه. فإن خروجها للعمل في هذه الحالة جائزٌ للحاجة لهذه النفقة الزائدة, ولا يُسقِطُ خروجُها نفقتَها ولو بدون إذنه, فتبقى في ذمّته وإن عَملَت.

وكذا كُلُّ حاجة ملحّة للمرأة فإنها تكون معذورة فيها ولا يُعدُّ نشوزًا (?).

والعلّة في ذلك: أنّ امتناع الرجل مِن النفقة على زوجته (سواءً كان امتناعًا كُليًّا أو جزئيًّا) فيه إضرارٌ بها ومضارةٌ عليها شديدةٌ, وهو مِن الفعل المحرّم شرعًا, والفعل الحرام لا يسقط به الواجب مطلقًا.

كما أنه يلزم الدَّوْرُ عند القولِ بسقوط نفقةِ المرأة في هذه الحال; لأن سقوط النفقة يكون بسبب عملها, وإنما عملت لأنه لم ينفق عليها.

وقد نصّ على هذا القيدِ عددٌ من الفقهاء:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015