وهذا القول مبنيٌّ على أن التمكينَ يُتصوّر تبعّضُه في الصورة التي سبق ذكرها, فإذا كان يمكن تصور تبعّضُه فإن مَا يجبُ مُقابلَه -وهو النفقة- يَتبعض أيضًا (?).
ولعلّ القول الثاني أقرب دليلًا, وتعليلًا; لأن المرأة لم تمتنع بالكُلية من زوجِها وإن فوّتت عليه بعض حقّه بالخروج نهارًا; ولا شكّ أن في هذا الرأي إعمالًا للمقصد الشرعي من النفقة وهو إثبات القوامة للرّجل إذ تكون يدُهُ هي العليا المنفقة فتكون له القوامة على أهله ولو قُمنَ بالعَمل أو كنّ غنيّات; كما قال جلّ وعلا: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (?) , فبيّن أن مِن أظهر صورِ القوامة الإنفاق على الزوجة.
والمرأة إذا كانت لم تمتنع من زوجها بالكُليّة, وإنما خرجت بعض اليوم فإن حالهما يكون داخلًا في عموم قولِ الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ} (?) , فالزوج قد استمتع بامرأته فلزم عليه أن يؤتيها ما شُرع لها مِن الصداق والنفقة والمتعة وغير ذلك.