وقد خالف ذلك بعض العلماء - منهم: ابن حزم - فلم يجعلوا لمعلقات الصحيح مزية على غيرها، سواء كان بصيغة الجزم أو بصيغة التمريض، وانما جعلوا لها حكم غيرها من المنقطعات.
ولعل أبرز مثال يوضح ذلك: حديث هشام بن عمار في المعازف، فقد اخرجه البخاري في الصحيح على صورة المعلق، مع أنه ليس معلقا في الواقع؛ لأن هشام بن عمار شيخ البخاري، فظنه ابن حزم معلقا، وحكم عليه بالانقطاع ولم يحتج به، وفيما يأتي نسوق الحديث ونبين آثره في اختلاف الفقهاء.
قال الامام البخاري في صحيحه (?) : وقال هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال حدثنا عطية بن قيس الكلابي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال: حدثني أبو عامر - أو أبو مالك الأشعري - والله ما كذبني- سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام الى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم- يعني الفقير- لحاجة فيقولوا ارجع الينا غدا، فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير الى يوم القيامة)) .
وهشام بن عمار من شيوخ البخاري (?) ، لكن البخاري لم يصرح بالسماع بل ذكره بصيغة التعليق مجزوما به.