استيفائه شروط القبول عندهم، ومن شروط المالكية للعمل بخبر الآحاد: أن لا يخالف عمل أهل المدينة، فالحديث اذا ورد بخبر الآحاد، وهو مخالف لما يعمل به أهل المدينة فلا يعمل به لهذه العلة؛ وهذا ليس مجمعا عليه عند المالكية بل فيه خلاف، لكن المشهور من مذهبهم أن عمل أهل المدينة حجة ترد بها أخبار الآحاد المخالفة له، فهو كالمتواتر عندهم (?) ، هذا هو المتداول في كتب الأصول.

وحجتهم في ذلك: أن المدينة هي التي نزل فيها القرآن وطبق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحكام الشرعية، وبين فيها الحلال والحرام، وتعلم الصحابة هذه الأحكام من الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، أقام فيها الصحابة المجتهدون ومن بينهم ثلاثة من الخلفاء الراشدين، فكان عملهم من عمل الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أخذ عنهم التابعون وفيهم الفقهاء السبعة (?) الذين كانوا يحرصون على معرفة السنة، والاقتداء الكامل بالرسول صلى الله عليه وسلم مع الورع الكامل في الفتيا، فكان عمل هؤلاء منقولا عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة النقل المتواتر الذي يوجب القطع (?) .

وأجيب على هذا: - بأن السنة اذا ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فان الواجب عندئذ هو العمل بها، ولا عبرة برأي من خالفها سواء كانوا علماء المدينة أو غيرهم، لأن هؤلاء العلماء لم يخالفوها الا لأنها لم تبلغهم ولو بلغتهم لم يخالفوها قطعا، ثم ان اهل المدينة جزء من الأمة لا كلها فلا يلزم من مخالفتهم ترك الأحاديث الواردة بأسانيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015