ان من الشروط التي اشترطها الحنفية للعمل بخبر الآحاد: أن لا يخالف الصحابي الراوي للحديث ما رواه.
وحجتهم في ذلك: أن الراوي لا يخالف ما روى الا لعلة أنه منسوخ أو أنه لا يصح للعمل، والا لما أعرض عنه، لما علم من تمسك الصحابة بالسنة النبوية (?) .
والجمهور على خلاف ذلك.
وأجيب عن استدلال الحنفية:
بأنه لا يلزم من مخالفة الصحابي للحديث الذي يرويه نسخ ذلك الحديث ما لم نطلع على الناسخ؛ لاحتمال نسيان الصحابي للحديث، أو تأويله له بوجه من الوجوه.
وأيضا فما دام الحديث قد صح عنه عليه الصلاة والسلام فإنه لا يؤثر على العمل به بعد ذلك أن يكون الراوي قد خالف ما روى أم لم يخالف، وذلك لاحتمال أن يكون الراوي قد افتى قبل أن يعلم بالحديث النبوي، ثم ان قول الصحابي في مقابلة النص انما يعد من اجتهاده، ونحن غير ملزمين باجتهاده اذا صح لدينا الحديث بخلافه؛ ورحم الله الشافعي اذ قال: ((كيف أترك الحديث بعمل من لو عاصرته لحاججته؟)) (?) ؛ فالحجة تكون بما روى الصحابي لا بما رأى فالحديث إذا ثبت وصح سنده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلاف الصحابي له وتركه العمل به لا يوجب رده؛ لأن الحديث حجة على الأمة كافة والصحابة من ضمنها؛ قال ابن القيم: ((والذي ندين الله به ولا يسعنا