وَهُوَ طَرِيقُ مَكَّةَ ... ، وَأَمَّا قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَحْسَبُهُ وَهْمًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ". (?)
قلت: أَشَارَ ابنُ عَبْد البَرِ إلى الخلاف الذي وَقَع في الرِّوايات التي تحدد تاريخ حدوث ذلك النَّص، وذكر أنَّ الحادثة وقعت على الصَّحيح الرَّاجح بعد غزوة خَيْبَرَ، ثم جمع بين الرِّوايات التي ذكرت أنها وقعت "زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ" والأخرى " زَمَنَ خَيْبَرَ " بقوله: " كُلٌّ وَاحِد؛ لأَنَّ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَتْ زَمَنَ خَيْبَرَ وَهُوَ طَرِيقُ مَكَّةَ؛ ولأنَّ رُجُوعِهِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ كان في ذِي الْحَجَّةِ وَبَعْضَ الْمُحَرَّمِ، وَخَرَجَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْهُ غَازِيًا إِلَى خَيْبَرَ (?)، وغَزْوَةَ خَيْبَرَ كانت سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَة (?).
فظهر أثر تاريخ النَّص في التَّرجيح والجمع بين المرويَّات التي ظاهرها التَّعارض، وأَمَّا مَنْ قَالَ بِتَعْيِينِ نَوْمهُ - صلى الله عليه وسلم - بغَزْوَةِ تَبُوكَ أي أنَّ تَارِيخَ النَّص كان سَنَةَ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، فهذا القول مرجوح وبعيد؛ لأنَّ الرِّواية فيه مُرْسَلة كما أشار إليه الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: "وَفِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلا (?)، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِطَرِيقِ تَبُوكَ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلائِلِ (?) نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ". (?)، فبعد هذه الدِّراسة يجدر بنا التنبيه على أنَّ تاريخ النَّص النَّبوي ما هو إلا مؤشر قوي للترجيح بين الأقوال المختلف فيها؛ لأنَّ التَّاريخ خير شاهد وأوثق دليل. ...