وفي رواية ابن حبان السالفة أنَّ تلك الحادثة كانت بعد قُدُومِ وَفْدِ الْحَبَشَةِ فيكون سِنُّ السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا يَوْمَئِذٍ ما بين خَمْسِ أو سِتّ عَشْرَةَ سَنَةً تقريبًا على ما نص عليه الحافظ في الموضعين السابقين، فتاريخ هذا النَّص أو الحادثة يكون ما بين سنة سبع أو ما بعدها؛ مما يؤيد أنَّ أمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ بَالِغَةً؛ ولِذَا رجح الحافظ ابن حجر بسبب معرفة تاريخ حدوث النَّص القول بجَوَاز نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الأَجْنَبِيِّ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ، وذلك تبعًا لما ثبت لديه من أدلة، وأَمَّا القول: بِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ صَغِيرَةً دُونَ الْبُلُوغِ
فمرجوح، فظهر أثر تاريخ النَّص أو الحادثة في التَّرجيح بين الأقوال والأحكام الفقهية.
المثال الثاني: ما أَخْرَجَهُ البُخَاريّ، من حديث عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَتَيْنِ الأَوَّلُ الأَوَّلُ أَطْوَلُ» ". (?)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " وَوَقَعَ عِنْدَ ابن حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ وَلَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ أَشْعَثَ بِإِسْنَادِهِ فِي
هَذَا الْحَدِيثِ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلاتِكُمْ (?)، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا (?)، وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ كَابْنِ