قلت: لمعرفة تاريخ هذا النَّص من إقرار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نجد في نص الحديث أنَّ الحادثة كانت في حَجَّةِ الوَدَاعِ، وذكرت المصادر التَّاريخية أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعَدَةِ من سنةِ عَشْرٍ هجرية (?)، لكنَّ النَّص ذَكَر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قَائِمٌ يُصَلِّي بِمِنًى فيكون تاريخ نص هذه الحادثة في شهر ذِي الحجة من السَّنةِ العَاشِرة.

ونحن نَجُولُ في جَنَبَاتِ هذا البحث، وفي ضوء هذه الحقائق نستطيع أن نستنتج أنَّ النَّص النَّبوي كان مُرْتَبطًا بالأحداث في عهد النّبُوة ارتباطًا وثيقًا، وليس بالضروري أن يَذْكُرَ الرَّاوي أو النَّص شيئًا يَدُّل على الزَّمن كما في الأمثلة السابقة؛ وإنما يُحْسَب زمن النَّص بأدوات يعرفها الخبراء في النُّصُوص الحديثية، مثل جمع الطُّرق والمرويَّات، ومعرفة مخرج الحديث، وتاريخ إسلام الصحابي الرَّاوي للحَدَثِ المشترك فيه، وتاريخ الوفود، وأحداث ووقائع الغزوات، وقرائن أخرى كثيرة تدل على زمن النَّص الحديثي، وليس المقامُ مُقامَ تفصيل ذلك؛ وإنَّما المقصود الإشارة إليها.

ولم تَكُنْ الأسْبَاب والدَّوافِع لِدِرَاسة تَاريخ النَّص الحديثي لمجرد معرفة النَّاسِخ والْمَنْسُوخ من الحديث بل كانت أعمق من ذلك، وسوف نُبَيّن في المباحث التالية أثر معرفة تاريخ النَّص الحديثي في توجيه المعاني وهو قلب هذه الدِّراسة، والجدير بالذكر أنَّ استخدام التَّاريخ لتحديد النَّاسِخ والْمَنْسُوخ من الحديث ليس كاستخدام تاريخ النَّص الحديثي اجتمعا في استخدام التَّاريخ؛ ولَكِن افترقا في طريقة استعمال التَّاريخ وأثر ذلك في جميع مفاصل العلوم؛ فالنسخ اصطلاحًا: هو رَفْعُ الْحُكْم الشَّرعى بدليل شَرْعى مُتأخر (?)، أي إِنَّهُ رَفْعُ الْحُكْمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015