المطلب الثاني: مدى ارتباط النَّص النَّبوي بالتَّاريخ والأحداث:

تُشِيرُ المصادر والمراجع التَّارِيخية إلى أنّ النَّص النَّبوي كان مُرْتَبطًا بالأحداث في عهد النّبُوة ارتباطًا وثيقًا؛ إذ كان قَولُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أو فعله أو تقريره لا يكون إلا بسببِ حدثٍ أو موقف وقع في زَمَنٍ مُحَدَدٍ، وهو ما أسميته تاريخ النَّص الحديثي، ولا شك أَنَّ العِبْرةَ مِن النَّص بعموم اللَّفظ المفهوم منه لا بمجرد معرفة ملابسات تاريخ النَّص فقط؛ وإنَّما هو من أدوات توجيه المعاني والترجيح بينها عند الاختلاف؛ كأسباب النزول للقرآن، وأسباب ورود الحديث وغيرها من أدوات الفهم والاستنباط، فتَارِيخُ النَّص النَّبوي يُضبَطُ بِضَوابطٍ عِدةٍ أولها: زمن وقوع القول أو الفعل أو التقرير، وثانيها: تأثير ذلك الزمن على ما ارتبط به من أحداث، وثالثها: معرفة تتابع الأحداث السابقة واللاحقة لذلك الزمن، وبالمثال يتضح المقال فمن وقائع التَّاريخ والسِّير ما يُبيِّنُ ذلك:

مثال من قول النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلا

فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَاتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ

وَاحِدًا مِنْهُمْ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015